قصص سيرةالنبى
صفحة 1 من اصل 1
قصص سيرةالنبى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد
الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم
علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً
وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن
يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا
من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى
جنات القربات .
دلالات ودروس من حادثة سراقة مع النبي
أيها الإخوة الكرام ، مع درس جديد من دروس فقه السيرة النبوية ، وقد وصلنا
في الدرس السابق إلى حديث سراقة ، والحديث عن سراقة حديث ذو دلالات كثيرة ،
ذلك أن الإنسان حينما يهزم من داخله ينتهي ، قد يهزم في دولة أو في معركة
وهو واثق من نصر الله له فقصة سراقة تعلمنا دروساً كثيرة ، أبرز هذه
الدروس :
أن إنساناً وصلت دعوته إلى النهاية الصغرى إلى الحضيض ، بعد أن خرج
النبي عليه الصلاة والسلام من مكة المكرمة مهاجراً إلى المدينة ، وبعد أن
أخفقت قريش في ملاحقته وضعت مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً .
أرأيتم إلى ضعف كهذا الضعف ، إنسان ملاحق ، مهدور دمه ، موضوع مئة ناقة
لمن يأتي به حياً أو ميتاً ، ومع ذلك كانت ثقته بنصر الله لا حدود لها ،
أحياناً في هذه الظروف الصعبة التي تتداعى عليها الأمم كما تتداعى الأكلة
إلى قصعتها ، ورد في بعض الأحاديث الصحية :
(( يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل : ومن
قِلّةٍ نحن يومئذٍ ؟ قال : بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنكم غثاءٌ ، كغثاء
السيل )) .
[ رواه أبو داود عن ثوبان ]
لا وزن لهم إطلاقاً ، لمَ يا رسول الله ؟ قال : يصيبكم الوهن .
(( قيل : وَمَا الْوَهْنُ ؟ قالَ: حُبّ الدّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ المَوْتِ
)) .
لذلك كان السلف الصالح الواحد بألف ، ومع تأخر المسلمين وضعفهم الألف بأفٍّ
واحد كألف ، وألف بأف .
للتوضيح :
سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه جاءه استنجاد من قائده خالد بن الوليد
في معركة من المعارك ، وطلب منه خالد 50 ألف جندي ، لأنه معه 30 ألفًا واجه
300 ألف ، طلب النجدة ، فإذا بالصديق رضي الله عنه يرسل له رجلاً واحداً ،
اسمه القعقاع بن عمرو ، ولولا أن التاريخ يؤكد هذه القصة لما أمكن أن
تقبل ، لما وصل القعقاع إليه قال : أين المدد ؟ قال له : أنا المدد ، قال
له : أنت ؟! قال له : أنا ، ومعه كتاب ، فتح الكتاب يقول الصديق رضي الله
عنه : يا خالد ، لا تعجب أن أرسلت إليك بواحد ، فو الذي بعث محمد بالحق إن
جيشاً فيه القعقاع لا يهزم ، وانتصر .
مليار وثلاثمئة مليون ، وفي رقم أحدث مليار ونصف ، ليس أمرهم بيدهم ،
وليست كلمتهم هي العليا ، وللطرف الآخر عليهم ألف سبيل وسبيل ، لأن القصة
كلها كما يلي :
( سورة النور الآية : 55 ) .
هل نحن مستخلفون ؟ لا والله .
( سورة النور الآية : 55 ) .
هذا قانون :
( سورة النور الآية : 55 ) .
هل نحن ممكَّنون في الأرض ؟ يرسمون النبي عليه الصلاة والسلام بصور لا
يستطيع داعية في الأرض أن يصفها .
هل المسلمون آمنون ؟ كل يوم تهديد ، كل يوم وعيد ، كل يوم عدوان ، كل يوم
قصف ، يقول الله عز وجل :
( سورة النور الآية : 55 ) .
إن صح التعبير أن الله جل جلاله وتباركت أسماءه فريق أول ، وأن المؤمنين
فريق ثانٍ ، الفريق الأول هو الله عز وجل ، وعد بالنصر والتمكين والنصر
والتطمين ، وعلى الفريق الثاني أن يعبده ، فإذا أخلّ الفريق الثاني بما
عليه فالله جل جلاله في حل من وعوده ، ولا تنسوا أن زوال الكون أهون على
الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين ، زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق
وعوده للمؤمنين :
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ ﴾ .
كقانون للمؤمنين : ﴿ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ
وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي ﴾ .
إخواننا الكرام ، هذا في القرآن ، أما في السنة فقد أردف النبي عليه الصلاة
والسلام سيدنا معاذ بن جبل :
(( يا معاذ ، هل تدري ما حق اللَّه على عباده ؟ وما حق العباد على اللَّه؟
قلت : اللَّه ورسوله أعلم ـ سأله ثانية وثالثة ـ قال : فإن حق اللَّه على
العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ـ هذا واضح ، ثم سأله : يا معاذ ،
هذا كلام دقيق جداً وفيه بشارة ـ يا معاذ ما حق العباد على الله إذا هم
عبدوه ؟ قال : ألا يعذبهم )) .
[ متفق عليه ] .
أنشأ الله لنا حق عليه ، الإله العظيم ، خالق السماوات والأرض ، أنشأ لك
حقاً عليه ، وقال طالبني به ، حق العباد على الله إذا هم عبدوه ألا يعذبهم .
هناك شاهد آخر :
( سورة المائدة الآية : 18 ) .
استنبط الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : أن الله تعالى لو قبِل دعواهم
أنهم أحبابه لما عذبهم ، لأن الله لا يعذب أحبابه ، فكل مؤمن مستقيم على
أمر الله له عند الله حق ألا يعذبه ، الآيات المطمئنة :
(سورة الجاثية) .
حياة الشاب المؤمن هي من تقدير الله عز وجل ، ومستحيل وألف ألف ألف مستحيل
أن يعامل شاب مستقيم عفيف ورع ، مؤدٍ لعباداته كما يعامل شاب متفلت .
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ
كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ .
أنا أطمئن الإخوة الكرام ، الحضور والمستمعين ، لكنني أبين أن معية الله عز
وجل لها ثمن ، معية الله معيتان معية عامة ، ومعية خاصة ، المعية العامة
هو معنا بعلمه ، هو مع كل إنسان ، حتى الكافر حتى العاصي ، حتى المنافق ،
حتى الفاجر ، معهم بعلمه ، ولكن الله عز وجل إذا قال :
(سورة الأنفال ) .
أي معهم بالتوفيق ، والتأييد ، والنصر ، والحفظ .
أيها الإخوة ، يقول الله عز وجل :
( سورة التوبة الآية : 51 ) .
ولم يقل : علينا .
﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾ .
الذي أريد أن أوضحه في هذا الدرس أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى
الطائف رده أهلها شر رد ، كذبوه واستهزؤوا به ، وأغروا صبيانهم أن يضربوه ،
وقال :
(( اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس . يا أرحم
الراحمين إلى من تكلني؟ إلى عدو يتجهمني أم إلى قريب ملكته أمري ؟ إن لم
تكن ساخطا علي فلا أبالي ولك العتبى حتى ترضى ، غير أن عافيتك أوسع لي )) .
[ أخرجه الطبراني في الكبير عن عبد الله بن جعفر ] .
كان قد خرج من مكة وقد أخرجه أهلها ، ولما أراد أن يعود إليها يقول سيدنا
زيد بن ثابت ، وكان رفيقه في هذه الرحلة : يا رسول الله ، كيف تعود إلى مكة
وقد أخرجتك ؟ فقال عليه الصلاة والسلام :
(( إن الله ناصر نبيه )) .
[ ورد في الأثر]
معنوياته عالية جداً ، وفي الهجرة وقد أهدر دمه ، ووضعت مئة ناقة لمن يأتي
به حياً أو ميتاً ، ولحقه سراقة وأدركه ، وغاصت قدما فرسه في الرمل ، وعلم
سراقة أن هذا الرجل ممنوع منه ، قال : يا سراقة : كيف بك إذا لبست سواري
كسرى ؟ يعني أنا سأصل إلى المدينة ، وسأؤسس دولة ، وأنشئ جيشاً ، وسأحارب
أقوى دولتين في الأرض ، وسأنتصر عليهما ، وسوف تأتيني كنوز كسرى ، ولك يا
سراقة سوار كسرى .
قصة عدي بن حاتم مع النبي
إخواننا الكرام ، عدي بن حاتم بن ملك الغساسنة ، وقعت أخته سفانة أسيرة عند
النبي عليه الصلاة والسلام ، ولها قصة ، ولكن حينما أطلق النبي سراحها
قالت : يا عدي ، اذهب إلى هذا الإنسان الطيب ، رأيت فيه خصالاً تعجبني ،
يطعم الفقير ، ويفك الأسير ، ويحمل الكل ، فإن يكن نبياً فللسابق فضله ،
وإن يكن نبياً فلم تزل في عز ملكه ، عدي بن حاتم توجه إلى النبي عليه
الصلاة والسلام ، إلى المدينة ، ودخل عليه ، والنبي صلى الله عليه وسلم
سأله من الرجل ؟ قال : عدي بن حاتم ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول :
(( أنزلوا الناس منازلهم )) .
[ أخرجه مسلم وأبو داود عن عائشة ] .
وكان عليه الصلاة والسلام يعرف قدر من حوله ، فقام بي إلى بيته ، وهذا عرف
عالمي ، إذا دعوت ضيفاً إلى بيتك فهذا تكريم ما بعده تكريم ، يقول عدي بن
حاتم ، وهو لا يعلم أهذا الإنسان نبي أم ملك ؟ يقول عدي بن حاتم : فقال :
قم بنا إلى البيت ، وانطلق بي إلى البيت ، وإنه لعامد بي إلى البيت في
الطريق لقيته امرأة ضعيفة ، فكلمته ، فوقف معها طويلاً يكلمها في حاجتها ،
فقال عدي : والله ما هذا بأمر ملك ، فلما وصلا إلى البيت ، إلى بيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول عدي : دفع إلي وسادة من أدم محشوة ليفاً ،
فقال : اجلس عليها ، ما في ببيته غير هذه الوسادة ، فقلت : بل أنت تجلس
عليها ، قال : بل أنت قال : فجلست عليها وجلس رسول الله على الأرض ، قال
إيه يا علي بن حاتم ألم تكن ركوسياً ـ دين بين النصرانية والصابئة ـ قال :
بلى ، قال أو لم تكن تأخذ في قومك بالمرباع ؟ تأخذ ربع أموالهم ؟ قال : بلى
، قال : فإن ذلك لم يكن يحل في دينك ، فانتبه عدي ، قال : فعلمت أنه نبي
مرسل يعلم ما يجهل .
الآن ثلاثة أسئلة وجهها النبي عليه الصلاة والسلام لعدي بن حاتم ، وكأن
النبي صلى الله عليه وسلم معنا في هذا الزمان ، إيه يا عدي بن حاتم ، يعني
تكلم ، ثم قال له : لعله يا عدي إنما يمنعك من دخول في هذا الدين ما ترى من
كثرة عدوهم وقلة عددهم ، وايم الله ليوكشن أن تسمع بالمرأة في أرض بابل
تحج البيت على بعيرها لا تخاف ، يعني سوف ينتصر ، وسوف يؤسس المسلمون دولة
عظيمة تفضي السلام والأمن على كل البقاع ، ولعله إنما يمنعك يا عدي من دخول
في هذا الدين ما ترى من حاجتهم من فقرهم ، وايم الله ليوشكن المال أن يفيض
فيهم حتى لا يوجد من يأخذه ، ولعله يا عدي ، إنما يمنعك من دخول في هذا
الدين أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم الآن :
هناك فقر في المجتمع الإسلامي ، وأعداء المسلمين العالم كله ، كثرة العدو ،
والفقر ، وما ترى من تشرذمهم ، وتفرقهم .
ولعله إنما يمنعك من دخول في هذا الدين أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم
، الأقوياء ليسوا مسلمين ، الأقوياء من الطرف الآخر ، ولقد عاش عدي حتى
رأى هذه البشارات الثالث قد حققت .
أرأيت إلى التفاؤل ؟ هدفي الوحيد من قصة سراقة أن ترتفع معنويات المسلمين
الله لا يتخلى عنهم ، لكنه يعالجهم ، نحن في العناية المشددة ، وهذه نعمة
ما بعدها نعمة تماماً كما لو سأل مريض قد أصيب بورم خبيث منتشر في كل
جسمه ، سأل الطبيب : ماذا آكل ؟ وما الأكلات التي تمنعني أن آكلها ؟ يقول
له الطبيب : كُلْ كلَّ شيء ، لأن أمْره انتهى ، لذلك :
( سورة الأنعام) .
فرق كبير بين أن تكون في العناية المشددة ، وبين أن تكون خارج العناية
المشددة ، فالنبي عليه الصلاة والسلام تفاءل أن يستتب الأمن والنظام في
ربوع العالم الإسلامي ، وتفاءل للمسلمين أن يغتنوا حتى يفيض المال فيهم ،
وحتى لا يوجد من يأخذه ، وتفاءل أن الأعداء سوف ينقلبوا أصدقاء .
عصمة الله نبيّه من سراقة بن مالك
أيها الإخوة ، وحصلت المعجزة الثانية حين عصم الله جل جلاله رسوله صلى الله
عليه وسلم ، وحماه من سراقة بن مالك ، الذي طلبهم طمعاً في جائزة قريش ،
فقد علم سراقة بخبرهم من رجل من بني مدلج ، رآه عن بعد وهم مرتحلون مع
الساحل ، فاتبعهم سراقة وهم في مكان من الأرض ، وينقل البخاري حديث سراقة
حيث يقول :
(( وقد كنت أرجو أن أرده على قريش فآخذ المئة ناقة ، كان سراقة يرجو أن يرد
النبي على قريش ويأخذ المئة ناقة ، قال : فركبت فرسي على أثره ، فبينما
فرسي يشتد بي عثر بي ، فسقطت عنه ، قال : فقلت : ما هذا ، قال : ثم أخرجت
قداحي ـ سهامي ـ فاستقسمت بها ، فخرج السهم الذي أكره ، قال : فأبيت إلا أن
أتبعه ، قال : فركبت في أثره فبينما فرسي يشتد بي عثر بي فسقطت عنه .
سنة الله في أنبيائه : النصر والتمكين :
قصة موسى وقومه مع فرعون :
قال سيدنا موسى وهارون :
(سورة طه ) .
فرعون بطاش جبار .
( سورة طه ).
أفضل إيمان الرجل أن يعلم أن الله معه حيث كان .
هناك قصص في التاريخ عجيبة ، شرذمة من بني إسرائيل ومعهم موسى عليه السلام
متجهون نحو الغرب ونحو البحر :
( سورة طه الآية : 78 ) .
طاغية جبار ، متغطرس ، حاقد ، لئيم ، قلبه كالحجر ، لا يرحم ، معه عدة
وعتاد وسلاح فتاك .
( سورة الشعراء الآية: 61 ) .
المؤمنون مع سيدنا موسى في اتجاه البحر .
﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ ﴾ ، رأوا فرعون وراءهم ، وو يتبعهم
بأسلحته ، وجبروته ، وقسوته ، وحقده ، وبطشه ، وتألهه :
( سورة الشعراء) .
هل هناك أمل ؟ بمقياس الأرض ، بموازين الأرض دولة بكل ثقلها ، بكل أسلحتها
بكل مدرعاتها ، بكل أجهزتها ، بكل طيرانها ، بكل ما تملك من قوة تتبع
شرذمة قليلة أمامها البحر ، كم احتمال نجاة ؟ ولا واحد بالمليون .
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ .
(سورة الشعراء ) .
إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان الله عليك فمن معك ؟
يا رب ، ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟
كن مع الله تــر الله معك و اترك الكل وحاذر طمعك
و إذا أعطاه من يمنــعه ثم من يعطي إذا ما مـنعك
***
فإنك بأعيننا
أيها الإخوة ، يقول سراقة : فركبت فرسي على أثره فبينما فرسي يشتد بي عثر
بي ، فسقطت عنه ، قال : فقلت : ما هذا ، قال : ثم أخرجت قداحي ـ أي أسهمي ـ
فاستقسمت بها فخرج السهم الذي أكره ، قال : فأبيت إلا أن أتبعه ، قال :
فركبت في أثره فبينما فرسي يشتد بي عثر ـ المرة الثالثة ـ فسقطت عنه قال :
فقلت ما هذا ؟ فلما بدا لي القوم ، ورأيتهم يعني رأى النبي وصاحبه ، ومن
يقود الناقة ، فلما رأيت القوم ، ورأيتهم عثر بي فرسي للمرة الرابعة ،
وذهبت يداه في الأرض ، وسقطت عنه ثم انتزع يديه من الأرض ، وتبعهما دخان
كالإعصار ، قال : فعرفت حين رأيت أنه قد مُنع مني ، وأنه ظاهر ، قال : فقال
رسول e لأبي بكر : قل له : وما تبغي منا ؟ فقال له ذلك أبو بكر ، قال :
قلت ـ سراقة ـ تكتب لي كتاباً يكون آية بيني وبينك ، فقد أدرك سراقة أن هذا
إنسان غير عادي ، لأنه أصر أول مرة والثانية ، والثالثة ، والرابعة ، وكل
مرة تغوص قدما فرس سراقة ، ويقع عن فرسه ، لكن المئة ناقة تتلألأ له فكان
مصراً على أن يقتل محمدًا عليه الصلاة والسلام ، أما في المرة الرابعة أدرك
أن هذا الإنسان ممنوع من أن يناله أذىً ، قال الله عز وجل قال :
( سورة الطور الآية : 48 ) .
إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان الله عليك فمن معك ؟
أجمل كلمة أقولها لكم : قال بعض العلماء : هذا خطاب للنبي عليه الصلاة
والسلام ، لكن لكل مؤمن من هذا الخطاب نصيب ، وأنت أيها المؤمن إذا كنت
مستقيماً ومخلصاً ، ومتوجهاً إلى الله فإنك بأعين الله ، فإنك بعين الله
ترعاك ، بقدر إيمانك واستقامتك وإخلاصك ، فإذا كان الله معك فمن عليك ؟
وإذا كان الله عليك فمن معك ؟ ويا رب ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك
؟
( سورة طه ) .
أين أنا ؟ لذلك لما رأى سراقة أن النبي e إنسان غير عادي ممنوع من أن يناله
أحد بأذى قال : أريد أن تكتب لي كتاباً يكون آية بيني وبينك ، قال : اكتب
له يا أبا بكر ، فكتب لي كتاباً في عظم ، أو في رقعة ، أو في خرقة ، ثم
ألقاه إلي ، فأخذته فجعلته في كنانتي ، ثم رجعت فلم أذكر شيئاً ، أراد أن
يكون هذا سراً بينه وبين النبي ، ويبدو أنه حينما أيقن أنه ربما قُتل ، وأن
النبي e لم يقتله ، وإنه إنسان ممنوع من أن يناله بأذى ، أراد وفاء مع
النبي أن يعتم عليه كل خبر ، فلم أذكر شيئاً مما كان ، ثم حكى خبر لقاءه
برسول الله e بعد فتح مكة وإسلامه .
مقام ومنزلة النبي عن المسلمين بين الحقيقة والواقع :
أنا أتصور هؤلاء الذين عاملوا النبي كإنسان عادي لما كشفت لهم الحقيقة أنه
رسول الله ، ماذا الذي حصل لهم ؟
سهيل بن عمر حينما فاوض النبي e في صلح الحديبية قال النبي لعلي بن أبي
طالب : اكتب : هذا ما اتفق عليه محمد رسول الله ، قال : امحُ رسول الله ،
لو آمنا بك رسولاً لما فاوضناك ، امحُ ، قال : امحها يا علي ، ند لند ،
فإذا علمت أن هذا الإنسان هو سيد الخلق وحبيب الحق ، وسيد ولد آدم ، كيف
نتأدب بعد مماته ؟
( سورة الحجرات الآية : 1) .
لا تقدم اقتراحات ، ولا تنتقد توجيهات ، ولا تقل : دعوة النبي لغير هذا
العصر ، ولا تقل : الحياة كانت محدودة ، كل هذا من باب تقديم اقتراحات فيها
تطاول على مقام النبي عليه الصلاة والسلام .
هناك معنى آخر أحب أن أضيفه إليكم : أن الله سبحانه وتعالى حينما قال :
( سورة الأنفال الآية:33) .
المعنى الآن الظاهر : ما دام النبي بين ظهراني صاحبته الكرام فهم في مأمن
من عذاب الله ، لكن ماذا نفعل في هذه الآية بعد وفاة رسول الله ؟ قال علماء
التفسير : مادامت سنة النبي e قائمة في أمته فأمته في مأمن من عذاب الله ،
أما إذا نالهم العذاب إذاً هم ليسوا على منهجه ، ولم يستغفروا ، لأن الله
عز وجل يقول :
( سورة الأنفال ) .
وقد نذكر سراقة في رواية صحيحة أنه اقترب من رسول الله e وأبي بكر حتى سمع
قراءة رسول الله e وهو لا يلتفت ، وأبو بكر يكثر الالتفات ، كما ذكر أنه
عرض عليهم الزاد والمتاع فلم يأخذا منه شيئاً ، وأن وصيته كانت أنه أخفِ
عنا
العناية الإلهية المشددة دليل خير وعافية
أيها الإخوة ، موضوع سراقة أمضينا فيه وقتاً طويلاً ، لكن أهم شيء في هذا
الموضوع يجب أن تكون واثقاً بأن الله لا يتخلى عن المؤمنين ، لكنه يعالجهم ،
لكنه يؤدبهم لكنه يشدد عليهم ، وقد ورد في الأثر :
(( أوحى ربك إلى الدنيا أن تشددي ، وتضيقي على عبدي المؤمن لأني أحب أن
أرحمه )) .
[ ورد في الأثر]
وقد ورد في بعض الآثار القدسية :
(( لا أقبض عبدي المؤمن وأنا أحب أن أرحمه إلا ابتليته بكل سيئة كان عملها
سقماً في جسده ، أو إقتاراً في رزقه ، أو مصيبة في ماله أو ولده ، حتى أبلغ
منه مثل الذر فإذا بقي عليه شيء شددت عليه سكرات الموت حتى يلقاني كيوم
ولدته )) .
[ ورد في الأثر]
إخوتنا الكرام ، استبشروا إذا كنتم في العناية المشددة ، استبشر إذا تابعك
الله عز وجل ، استبشر إذا جاء عقب تقصير ، أو مخالفة العقاب الإلهي ، معنى
ذلك أنك ضمن العناية المشددة .
إذا كان معك التهاب معدة فقط ، وليس معك ورم خبيث ، ما دام هناك تشديد ،
وتضييق ومتابعة ، وعقاب ، وتأديب ، معنى ذلك أنت في العناية المشددة ،
والمرض الذي سبب فوق هذه المصيبة قابل للشفاء ، أما إذا أعطى الله الإنسان
كل ما يشتهي وهو يزداد كفراً وعناداً ومعصية فهذا خارج العناية المشددة ،
هذا كلام دقيق ، معنى ذلك أنه يرجى منك الخير .
وصدقوا أيها الإخوة أن 90% ممن ينجو من أخطار الدنيا كانت نجاته بسبب
معالجة إلهية حكيمة .
والله مرة أحد الإخوة له أخ بعيد عن الله بعد الأرض عن السماء ، أخ شارد ،
غارق في كل أنواع المعاصي والآثام ، وله شبكة علاقات نفيسة مع الأقوياء ،
ومع المنحرفين ، ثم أصيب بأزمة قلبية حادة أدخِل على أثرها إلى المستشفى ،
وإلى غرفة العناية المشددة ، بعد هذا التقيت معه ، وقال لي وهو على سرير
العناية المشددة انه قال : يا رب أعطني فرصة أتوب إليك ، أنا لا أرضى أن
آتي إليك وأنا بهذه الحال ، فالله عز وجل أعطاه فرصة ، والأزمة أزيحت عنه ،
واستعاد صحته ، ولزم دروس العلم ، وتابع هذه الدروس ، ثم مرة قال لي :
وأنا أناجي ربي ، قلت له : يا رب ، كل هذه السعادة بسبب الإقبال عليك على
إثر هذه المصيبة التي أصابتني ! لمَ لم ترسل لي هذه المصيبة من عشر سنوات ؟
تمنى أن تأتي في وقت مبكر .
أنت حينما تنالك عناية الله بشيء يزعجك في الأول .
( سورة البقرة ) .
لعلي ذكرت هذه القصة سابقاً ، لكن هنا مناسبة جداً :
فتاة تحمل شهادة ثانوية ، وتحب أن تكون معلمة ، إنها سافرة ، ولا تصلي ،
ولا تعتقد أن الدين سبيل سعادتها ، فطلب منها فحص صدر ، ذهبت إلى مستشفى
حكومي ، وفُحص صدرها ، فإذا بتقرير يؤكد أنها مصابة بمرض السل ، فلما علم
أهلها ابتعدوا عنها ، وخافوا من العدوى ، وجعلوها تقبع في غرفة خاصة ، ولها
أدواتها الخاصة ، وثيابها الخاصة ، وحاجاتها الخاصة ، وبكت ، وبكت ،
وانهارت ، ويأسِت إلى أن قررت أن تصلي ، ثم قررت أن تتحجب ، ثم ذاقت طعم
القرب من الله ، لكنّ أخاها من باب الفضول ذهب إلى المستشفى ليستطلع الخبر ،
فإذا بالتقرير أعطي لها خطأ ، هي سليمة ، لكن أعطي لها تقرير إنسان آخر ،
إذاً الله عز وجل ساق لها شبح المصيبة ، حتى حملها على التوبة ، لذلك قال
تعالى :
والحمد لله رب العالمين :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد
الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم
علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً
وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن
يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا
من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى
جنات القربات .
دلالات ودروس من حادثة سراقة مع النبي
أيها الإخوة الكرام ، مع درس جديد من دروس فقه السيرة النبوية ، وقد وصلنا
في الدرس السابق إلى حديث سراقة ، والحديث عن سراقة حديث ذو دلالات كثيرة ،
ذلك أن الإنسان حينما يهزم من داخله ينتهي ، قد يهزم في دولة أو في معركة
وهو واثق من نصر الله له فقصة سراقة تعلمنا دروساً كثيرة ، أبرز هذه
الدروس :
أن إنساناً وصلت دعوته إلى النهاية الصغرى إلى الحضيض ، بعد أن خرج
النبي عليه الصلاة والسلام من مكة المكرمة مهاجراً إلى المدينة ، وبعد أن
أخفقت قريش في ملاحقته وضعت مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً .
أرأيتم إلى ضعف كهذا الضعف ، إنسان ملاحق ، مهدور دمه ، موضوع مئة ناقة
لمن يأتي به حياً أو ميتاً ، ومع ذلك كانت ثقته بنصر الله لا حدود لها ،
أحياناً في هذه الظروف الصعبة التي تتداعى عليها الأمم كما تتداعى الأكلة
إلى قصعتها ، ورد في بعض الأحاديث الصحية :
(( يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل : ومن
قِلّةٍ نحن يومئذٍ ؟ قال : بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنكم غثاءٌ ، كغثاء
السيل )) .
[ رواه أبو داود عن ثوبان ]
لا وزن لهم إطلاقاً ، لمَ يا رسول الله ؟ قال : يصيبكم الوهن .
(( قيل : وَمَا الْوَهْنُ ؟ قالَ: حُبّ الدّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ المَوْتِ
)) .
لذلك كان السلف الصالح الواحد بألف ، ومع تأخر المسلمين وضعفهم الألف بأفٍّ
واحد كألف ، وألف بأف .
للتوضيح :
سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه جاءه استنجاد من قائده خالد بن الوليد
في معركة من المعارك ، وطلب منه خالد 50 ألف جندي ، لأنه معه 30 ألفًا واجه
300 ألف ، طلب النجدة ، فإذا بالصديق رضي الله عنه يرسل له رجلاً واحداً ،
اسمه القعقاع بن عمرو ، ولولا أن التاريخ يؤكد هذه القصة لما أمكن أن
تقبل ، لما وصل القعقاع إليه قال : أين المدد ؟ قال له : أنا المدد ، قال
له : أنت ؟! قال له : أنا ، ومعه كتاب ، فتح الكتاب يقول الصديق رضي الله
عنه : يا خالد ، لا تعجب أن أرسلت إليك بواحد ، فو الذي بعث محمد بالحق إن
جيشاً فيه القعقاع لا يهزم ، وانتصر .
مليار وثلاثمئة مليون ، وفي رقم أحدث مليار ونصف ، ليس أمرهم بيدهم ،
وليست كلمتهم هي العليا ، وللطرف الآخر عليهم ألف سبيل وسبيل ، لأن القصة
كلها كما يلي :
( سورة النور الآية : 55 ) .
هل نحن مستخلفون ؟ لا والله .
( سورة النور الآية : 55 ) .
هذا قانون :
( سورة النور الآية : 55 ) .
هل نحن ممكَّنون في الأرض ؟ يرسمون النبي عليه الصلاة والسلام بصور لا
يستطيع داعية في الأرض أن يصفها .
هل المسلمون آمنون ؟ كل يوم تهديد ، كل يوم وعيد ، كل يوم عدوان ، كل يوم
قصف ، يقول الله عز وجل :
( سورة النور الآية : 55 ) .
إن صح التعبير أن الله جل جلاله وتباركت أسماءه فريق أول ، وأن المؤمنين
فريق ثانٍ ، الفريق الأول هو الله عز وجل ، وعد بالنصر والتمكين والنصر
والتطمين ، وعلى الفريق الثاني أن يعبده ، فإذا أخلّ الفريق الثاني بما
عليه فالله جل جلاله في حل من وعوده ، ولا تنسوا أن زوال الكون أهون على
الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين ، زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق
وعوده للمؤمنين :
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ ﴾ .
كقانون للمؤمنين : ﴿ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ
وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي ﴾ .
إخواننا الكرام ، هذا في القرآن ، أما في السنة فقد أردف النبي عليه الصلاة
والسلام سيدنا معاذ بن جبل :
(( يا معاذ ، هل تدري ما حق اللَّه على عباده ؟ وما حق العباد على اللَّه؟
قلت : اللَّه ورسوله أعلم ـ سأله ثانية وثالثة ـ قال : فإن حق اللَّه على
العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ـ هذا واضح ، ثم سأله : يا معاذ ،
هذا كلام دقيق جداً وفيه بشارة ـ يا معاذ ما حق العباد على الله إذا هم
عبدوه ؟ قال : ألا يعذبهم )) .
[ متفق عليه ] .
أنشأ الله لنا حق عليه ، الإله العظيم ، خالق السماوات والأرض ، أنشأ لك
حقاً عليه ، وقال طالبني به ، حق العباد على الله إذا هم عبدوه ألا يعذبهم .
هناك شاهد آخر :
( سورة المائدة الآية : 18 ) .
استنبط الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : أن الله تعالى لو قبِل دعواهم
أنهم أحبابه لما عذبهم ، لأن الله لا يعذب أحبابه ، فكل مؤمن مستقيم على
أمر الله له عند الله حق ألا يعذبه ، الآيات المطمئنة :
(سورة الجاثية) .
حياة الشاب المؤمن هي من تقدير الله عز وجل ، ومستحيل وألف ألف ألف مستحيل
أن يعامل شاب مستقيم عفيف ورع ، مؤدٍ لعباداته كما يعامل شاب متفلت .
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ
كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ .
أنا أطمئن الإخوة الكرام ، الحضور والمستمعين ، لكنني أبين أن معية الله عز
وجل لها ثمن ، معية الله معيتان معية عامة ، ومعية خاصة ، المعية العامة
هو معنا بعلمه ، هو مع كل إنسان ، حتى الكافر حتى العاصي ، حتى المنافق ،
حتى الفاجر ، معهم بعلمه ، ولكن الله عز وجل إذا قال :
(سورة الأنفال ) .
أي معهم بالتوفيق ، والتأييد ، والنصر ، والحفظ .
أيها الإخوة ، يقول الله عز وجل :
( سورة التوبة الآية : 51 ) .
ولم يقل : علينا .
﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾ .
الذي أريد أن أوضحه في هذا الدرس أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى
الطائف رده أهلها شر رد ، كذبوه واستهزؤوا به ، وأغروا صبيانهم أن يضربوه ،
وقال :
(( اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس . يا أرحم
الراحمين إلى من تكلني؟ إلى عدو يتجهمني أم إلى قريب ملكته أمري ؟ إن لم
تكن ساخطا علي فلا أبالي ولك العتبى حتى ترضى ، غير أن عافيتك أوسع لي )) .
[ أخرجه الطبراني في الكبير عن عبد الله بن جعفر ] .
كان قد خرج من مكة وقد أخرجه أهلها ، ولما أراد أن يعود إليها يقول سيدنا
زيد بن ثابت ، وكان رفيقه في هذه الرحلة : يا رسول الله ، كيف تعود إلى مكة
وقد أخرجتك ؟ فقال عليه الصلاة والسلام :
(( إن الله ناصر نبيه )) .
[ ورد في الأثر]
معنوياته عالية جداً ، وفي الهجرة وقد أهدر دمه ، ووضعت مئة ناقة لمن يأتي
به حياً أو ميتاً ، ولحقه سراقة وأدركه ، وغاصت قدما فرسه في الرمل ، وعلم
سراقة أن هذا الرجل ممنوع منه ، قال : يا سراقة : كيف بك إذا لبست سواري
كسرى ؟ يعني أنا سأصل إلى المدينة ، وسأؤسس دولة ، وأنشئ جيشاً ، وسأحارب
أقوى دولتين في الأرض ، وسأنتصر عليهما ، وسوف تأتيني كنوز كسرى ، ولك يا
سراقة سوار كسرى .
قصة عدي بن حاتم مع النبي
إخواننا الكرام ، عدي بن حاتم بن ملك الغساسنة ، وقعت أخته سفانة أسيرة عند
النبي عليه الصلاة والسلام ، ولها قصة ، ولكن حينما أطلق النبي سراحها
قالت : يا عدي ، اذهب إلى هذا الإنسان الطيب ، رأيت فيه خصالاً تعجبني ،
يطعم الفقير ، ويفك الأسير ، ويحمل الكل ، فإن يكن نبياً فللسابق فضله ،
وإن يكن نبياً فلم تزل في عز ملكه ، عدي بن حاتم توجه إلى النبي عليه
الصلاة والسلام ، إلى المدينة ، ودخل عليه ، والنبي صلى الله عليه وسلم
سأله من الرجل ؟ قال : عدي بن حاتم ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول :
(( أنزلوا الناس منازلهم )) .
[ أخرجه مسلم وأبو داود عن عائشة ] .
وكان عليه الصلاة والسلام يعرف قدر من حوله ، فقام بي إلى بيته ، وهذا عرف
عالمي ، إذا دعوت ضيفاً إلى بيتك فهذا تكريم ما بعده تكريم ، يقول عدي بن
حاتم ، وهو لا يعلم أهذا الإنسان نبي أم ملك ؟ يقول عدي بن حاتم : فقال :
قم بنا إلى البيت ، وانطلق بي إلى البيت ، وإنه لعامد بي إلى البيت في
الطريق لقيته امرأة ضعيفة ، فكلمته ، فوقف معها طويلاً يكلمها في حاجتها ،
فقال عدي : والله ما هذا بأمر ملك ، فلما وصلا إلى البيت ، إلى بيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول عدي : دفع إلي وسادة من أدم محشوة ليفاً ،
فقال : اجلس عليها ، ما في ببيته غير هذه الوسادة ، فقلت : بل أنت تجلس
عليها ، قال : بل أنت قال : فجلست عليها وجلس رسول الله على الأرض ، قال
إيه يا علي بن حاتم ألم تكن ركوسياً ـ دين بين النصرانية والصابئة ـ قال :
بلى ، قال أو لم تكن تأخذ في قومك بالمرباع ؟ تأخذ ربع أموالهم ؟ قال : بلى
، قال : فإن ذلك لم يكن يحل في دينك ، فانتبه عدي ، قال : فعلمت أنه نبي
مرسل يعلم ما يجهل .
الآن ثلاثة أسئلة وجهها النبي عليه الصلاة والسلام لعدي بن حاتم ، وكأن
النبي صلى الله عليه وسلم معنا في هذا الزمان ، إيه يا عدي بن حاتم ، يعني
تكلم ، ثم قال له : لعله يا عدي إنما يمنعك من دخول في هذا الدين ما ترى من
كثرة عدوهم وقلة عددهم ، وايم الله ليوكشن أن تسمع بالمرأة في أرض بابل
تحج البيت على بعيرها لا تخاف ، يعني سوف ينتصر ، وسوف يؤسس المسلمون دولة
عظيمة تفضي السلام والأمن على كل البقاع ، ولعله إنما يمنعك يا عدي من دخول
في هذا الدين ما ترى من حاجتهم من فقرهم ، وايم الله ليوشكن المال أن يفيض
فيهم حتى لا يوجد من يأخذه ، ولعله يا عدي ، إنما يمنعك من دخول في هذا
الدين أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم الآن :
هناك فقر في المجتمع الإسلامي ، وأعداء المسلمين العالم كله ، كثرة العدو ،
والفقر ، وما ترى من تشرذمهم ، وتفرقهم .
ولعله إنما يمنعك من دخول في هذا الدين أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم
، الأقوياء ليسوا مسلمين ، الأقوياء من الطرف الآخر ، ولقد عاش عدي حتى
رأى هذه البشارات الثالث قد حققت .
أرأيت إلى التفاؤل ؟ هدفي الوحيد من قصة سراقة أن ترتفع معنويات المسلمين
الله لا يتخلى عنهم ، لكنه يعالجهم ، نحن في العناية المشددة ، وهذه نعمة
ما بعدها نعمة تماماً كما لو سأل مريض قد أصيب بورم خبيث منتشر في كل
جسمه ، سأل الطبيب : ماذا آكل ؟ وما الأكلات التي تمنعني أن آكلها ؟ يقول
له الطبيب : كُلْ كلَّ شيء ، لأن أمْره انتهى ، لذلك :
( سورة الأنعام) .
فرق كبير بين أن تكون في العناية المشددة ، وبين أن تكون خارج العناية
المشددة ، فالنبي عليه الصلاة والسلام تفاءل أن يستتب الأمن والنظام في
ربوع العالم الإسلامي ، وتفاءل للمسلمين أن يغتنوا حتى يفيض المال فيهم ،
وحتى لا يوجد من يأخذه ، وتفاءل أن الأعداء سوف ينقلبوا أصدقاء .
عصمة الله نبيّه من سراقة بن مالك
أيها الإخوة ، وحصلت المعجزة الثانية حين عصم الله جل جلاله رسوله صلى الله
عليه وسلم ، وحماه من سراقة بن مالك ، الذي طلبهم طمعاً في جائزة قريش ،
فقد علم سراقة بخبرهم من رجل من بني مدلج ، رآه عن بعد وهم مرتحلون مع
الساحل ، فاتبعهم سراقة وهم في مكان من الأرض ، وينقل البخاري حديث سراقة
حيث يقول :
(( وقد كنت أرجو أن أرده على قريش فآخذ المئة ناقة ، كان سراقة يرجو أن يرد
النبي على قريش ويأخذ المئة ناقة ، قال : فركبت فرسي على أثره ، فبينما
فرسي يشتد بي عثر بي ، فسقطت عنه ، قال : فقلت : ما هذا ، قال : ثم أخرجت
قداحي ـ سهامي ـ فاستقسمت بها ، فخرج السهم الذي أكره ، قال : فأبيت إلا أن
أتبعه ، قال : فركبت في أثره فبينما فرسي يشتد بي عثر بي فسقطت عنه .
سنة الله في أنبيائه : النصر والتمكين :
قصة موسى وقومه مع فرعون :
قال سيدنا موسى وهارون :
(سورة طه ) .
فرعون بطاش جبار .
( سورة طه ).
أفضل إيمان الرجل أن يعلم أن الله معه حيث كان .
هناك قصص في التاريخ عجيبة ، شرذمة من بني إسرائيل ومعهم موسى عليه السلام
متجهون نحو الغرب ونحو البحر :
( سورة طه الآية : 78 ) .
طاغية جبار ، متغطرس ، حاقد ، لئيم ، قلبه كالحجر ، لا يرحم ، معه عدة
وعتاد وسلاح فتاك .
( سورة الشعراء الآية: 61 ) .
المؤمنون مع سيدنا موسى في اتجاه البحر .
﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ ﴾ ، رأوا فرعون وراءهم ، وو يتبعهم
بأسلحته ، وجبروته ، وقسوته ، وحقده ، وبطشه ، وتألهه :
( سورة الشعراء) .
هل هناك أمل ؟ بمقياس الأرض ، بموازين الأرض دولة بكل ثقلها ، بكل أسلحتها
بكل مدرعاتها ، بكل أجهزتها ، بكل طيرانها ، بكل ما تملك من قوة تتبع
شرذمة قليلة أمامها البحر ، كم احتمال نجاة ؟ ولا واحد بالمليون .
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ .
(سورة الشعراء ) .
إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان الله عليك فمن معك ؟
يا رب ، ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟
كن مع الله تــر الله معك و اترك الكل وحاذر طمعك
و إذا أعطاه من يمنــعه ثم من يعطي إذا ما مـنعك
***
فإنك بأعيننا
أيها الإخوة ، يقول سراقة : فركبت فرسي على أثره فبينما فرسي يشتد بي عثر
بي ، فسقطت عنه ، قال : فقلت : ما هذا ، قال : ثم أخرجت قداحي ـ أي أسهمي ـ
فاستقسمت بها فخرج السهم الذي أكره ، قال : فأبيت إلا أن أتبعه ، قال :
فركبت في أثره فبينما فرسي يشتد بي عثر ـ المرة الثالثة ـ فسقطت عنه قال :
فقلت ما هذا ؟ فلما بدا لي القوم ، ورأيتهم يعني رأى النبي وصاحبه ، ومن
يقود الناقة ، فلما رأيت القوم ، ورأيتهم عثر بي فرسي للمرة الرابعة ،
وذهبت يداه في الأرض ، وسقطت عنه ثم انتزع يديه من الأرض ، وتبعهما دخان
كالإعصار ، قال : فعرفت حين رأيت أنه قد مُنع مني ، وأنه ظاهر ، قال : فقال
رسول e لأبي بكر : قل له : وما تبغي منا ؟ فقال له ذلك أبو بكر ، قال :
قلت ـ سراقة ـ تكتب لي كتاباً يكون آية بيني وبينك ، فقد أدرك سراقة أن هذا
إنسان غير عادي ، لأنه أصر أول مرة والثانية ، والثالثة ، والرابعة ، وكل
مرة تغوص قدما فرس سراقة ، ويقع عن فرسه ، لكن المئة ناقة تتلألأ له فكان
مصراً على أن يقتل محمدًا عليه الصلاة والسلام ، أما في المرة الرابعة أدرك
أن هذا الإنسان ممنوع من أن يناله أذىً ، قال الله عز وجل قال :
( سورة الطور الآية : 48 ) .
إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان الله عليك فمن معك ؟
أجمل كلمة أقولها لكم : قال بعض العلماء : هذا خطاب للنبي عليه الصلاة
والسلام ، لكن لكل مؤمن من هذا الخطاب نصيب ، وأنت أيها المؤمن إذا كنت
مستقيماً ومخلصاً ، ومتوجهاً إلى الله فإنك بأعين الله ، فإنك بعين الله
ترعاك ، بقدر إيمانك واستقامتك وإخلاصك ، فإذا كان الله معك فمن عليك ؟
وإذا كان الله عليك فمن معك ؟ ويا رب ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك
؟
( سورة طه ) .
أين أنا ؟ لذلك لما رأى سراقة أن النبي e إنسان غير عادي ممنوع من أن يناله
أحد بأذى قال : أريد أن تكتب لي كتاباً يكون آية بيني وبينك ، قال : اكتب
له يا أبا بكر ، فكتب لي كتاباً في عظم ، أو في رقعة ، أو في خرقة ، ثم
ألقاه إلي ، فأخذته فجعلته في كنانتي ، ثم رجعت فلم أذكر شيئاً ، أراد أن
يكون هذا سراً بينه وبين النبي ، ويبدو أنه حينما أيقن أنه ربما قُتل ، وأن
النبي e لم يقتله ، وإنه إنسان ممنوع من أن يناله بأذى ، أراد وفاء مع
النبي أن يعتم عليه كل خبر ، فلم أذكر شيئاً مما كان ، ثم حكى خبر لقاءه
برسول الله e بعد فتح مكة وإسلامه .
مقام ومنزلة النبي عن المسلمين بين الحقيقة والواقع :
أنا أتصور هؤلاء الذين عاملوا النبي كإنسان عادي لما كشفت لهم الحقيقة أنه
رسول الله ، ماذا الذي حصل لهم ؟
سهيل بن عمر حينما فاوض النبي e في صلح الحديبية قال النبي لعلي بن أبي
طالب : اكتب : هذا ما اتفق عليه محمد رسول الله ، قال : امحُ رسول الله ،
لو آمنا بك رسولاً لما فاوضناك ، امحُ ، قال : امحها يا علي ، ند لند ،
فإذا علمت أن هذا الإنسان هو سيد الخلق وحبيب الحق ، وسيد ولد آدم ، كيف
نتأدب بعد مماته ؟
( سورة الحجرات الآية : 1) .
لا تقدم اقتراحات ، ولا تنتقد توجيهات ، ولا تقل : دعوة النبي لغير هذا
العصر ، ولا تقل : الحياة كانت محدودة ، كل هذا من باب تقديم اقتراحات فيها
تطاول على مقام النبي عليه الصلاة والسلام .
هناك معنى آخر أحب أن أضيفه إليكم : أن الله سبحانه وتعالى حينما قال :
( سورة الأنفال الآية:33) .
المعنى الآن الظاهر : ما دام النبي بين ظهراني صاحبته الكرام فهم في مأمن
من عذاب الله ، لكن ماذا نفعل في هذه الآية بعد وفاة رسول الله ؟ قال علماء
التفسير : مادامت سنة النبي e قائمة في أمته فأمته في مأمن من عذاب الله ،
أما إذا نالهم العذاب إذاً هم ليسوا على منهجه ، ولم يستغفروا ، لأن الله
عز وجل يقول :
( سورة الأنفال ) .
وقد نذكر سراقة في رواية صحيحة أنه اقترب من رسول الله e وأبي بكر حتى سمع
قراءة رسول الله e وهو لا يلتفت ، وأبو بكر يكثر الالتفات ، كما ذكر أنه
عرض عليهم الزاد والمتاع فلم يأخذا منه شيئاً ، وأن وصيته كانت أنه أخفِ
عنا
العناية الإلهية المشددة دليل خير وعافية
أيها الإخوة ، موضوع سراقة أمضينا فيه وقتاً طويلاً ، لكن أهم شيء في هذا
الموضوع يجب أن تكون واثقاً بأن الله لا يتخلى عن المؤمنين ، لكنه يعالجهم ،
لكنه يؤدبهم لكنه يشدد عليهم ، وقد ورد في الأثر :
(( أوحى ربك إلى الدنيا أن تشددي ، وتضيقي على عبدي المؤمن لأني أحب أن
أرحمه )) .
[ ورد في الأثر]
وقد ورد في بعض الآثار القدسية :
(( لا أقبض عبدي المؤمن وأنا أحب أن أرحمه إلا ابتليته بكل سيئة كان عملها
سقماً في جسده ، أو إقتاراً في رزقه ، أو مصيبة في ماله أو ولده ، حتى أبلغ
منه مثل الذر فإذا بقي عليه شيء شددت عليه سكرات الموت حتى يلقاني كيوم
ولدته )) .
[ ورد في الأثر]
إخوتنا الكرام ، استبشروا إذا كنتم في العناية المشددة ، استبشر إذا تابعك
الله عز وجل ، استبشر إذا جاء عقب تقصير ، أو مخالفة العقاب الإلهي ، معنى
ذلك أنك ضمن العناية المشددة .
إذا كان معك التهاب معدة فقط ، وليس معك ورم خبيث ، ما دام هناك تشديد ،
وتضييق ومتابعة ، وعقاب ، وتأديب ، معنى ذلك أنت في العناية المشددة ،
والمرض الذي سبب فوق هذه المصيبة قابل للشفاء ، أما إذا أعطى الله الإنسان
كل ما يشتهي وهو يزداد كفراً وعناداً ومعصية فهذا خارج العناية المشددة ،
هذا كلام دقيق ، معنى ذلك أنه يرجى منك الخير .
وصدقوا أيها الإخوة أن 90% ممن ينجو من أخطار الدنيا كانت نجاته بسبب
معالجة إلهية حكيمة .
والله مرة أحد الإخوة له أخ بعيد عن الله بعد الأرض عن السماء ، أخ شارد ،
غارق في كل أنواع المعاصي والآثام ، وله شبكة علاقات نفيسة مع الأقوياء ،
ومع المنحرفين ، ثم أصيب بأزمة قلبية حادة أدخِل على أثرها إلى المستشفى ،
وإلى غرفة العناية المشددة ، بعد هذا التقيت معه ، وقال لي وهو على سرير
العناية المشددة انه قال : يا رب أعطني فرصة أتوب إليك ، أنا لا أرضى أن
آتي إليك وأنا بهذه الحال ، فالله عز وجل أعطاه فرصة ، والأزمة أزيحت عنه ،
واستعاد صحته ، ولزم دروس العلم ، وتابع هذه الدروس ، ثم مرة قال لي :
وأنا أناجي ربي ، قلت له : يا رب ، كل هذه السعادة بسبب الإقبال عليك على
إثر هذه المصيبة التي أصابتني ! لمَ لم ترسل لي هذه المصيبة من عشر سنوات ؟
تمنى أن تأتي في وقت مبكر .
أنت حينما تنالك عناية الله بشيء يزعجك في الأول .
( سورة البقرة ) .
لعلي ذكرت هذه القصة سابقاً ، لكن هنا مناسبة جداً :
فتاة تحمل شهادة ثانوية ، وتحب أن تكون معلمة ، إنها سافرة ، ولا تصلي ،
ولا تعتقد أن الدين سبيل سعادتها ، فطلب منها فحص صدر ، ذهبت إلى مستشفى
حكومي ، وفُحص صدرها ، فإذا بتقرير يؤكد أنها مصابة بمرض السل ، فلما علم
أهلها ابتعدوا عنها ، وخافوا من العدوى ، وجعلوها تقبع في غرفة خاصة ، ولها
أدواتها الخاصة ، وثيابها الخاصة ، وحاجاتها الخاصة ، وبكت ، وبكت ،
وانهارت ، ويأسِت إلى أن قررت أن تصلي ، ثم قررت أن تتحجب ، ثم ذاقت طعم
القرب من الله ، لكنّ أخاها من باب الفضول ذهب إلى المستشفى ليستطلع الخبر ،
فإذا بالتقرير أعطي لها خطأ ، هي سليمة ، لكن أعطي لها تقرير إنسان آخر ،
إذاً الله عز وجل ساق لها شبح المصيبة ، حتى حملها على التوبة ، لذلك قال
تعالى :
والحمد لله رب العالمين :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى